الخلفاء الراشدون

لمّا توفي محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان عمره ثلاثا وستين سنة .و قد كان الرسول في حياته حاكما وقائدا وقاضيا ،فلما توفي احتاج المسلمون إلى من يكون لهم حاكما وقائدا وقاضيا،كما كان رسول الله من قبل ، ليحكم البلاد الإسلامية و ليهتم بأمر المسلمين

*****

حكم البلاد الإسلاميّة بعد رسول الله أربعة رجال عظام من الصحابة هم أبو بكر وعمرو عثمان وعلي.هؤلاء الرجال العظام الذين عاشوا في أيام الرسول،وكانوا معه دائما، نسميهم"الصّحابة"أو"أصحاب رسول الله"وقد كان أصحاب رسول الله كثيرين جدّا ،ولكن هؤلاء النّفر الأربعة كانوا أعظمهم وأفضلهم.

****

وهؤلاء الرجال العظام الأربعة الذين خلفوا الرسول، أي جاءوا بعده ،وحكموا البلاد الإسلامية ،نسميهم "الخلفاء ".و بما أنّهم حكموا البلاد بالحقّ والعدل والرحمة فإنّنا نسميهم "الخلفاء الرّاشدين".

وكانت عاصمة البلاد الإسلامية في أيّام الرسول وفي أيام الخلفاء الرّاشدين "المدينة المنوّرة".

الخليفة الأولى أبو بكر الصديق

أبو بكر الصّدّيق هو عبد الله بن أبي قحافة أول الخلفاء الرّاشدين .وكان أبو بكر من قبيلة قريش ،أهل مكّة .وكان رجلا سيّدا في قومه محترما معظّما كريم الأخلاق جوادا. وكان تاجرا يبيع النسيج .

وكان أبو بكر صديقا لمحمّد صلّى الله عليه و سلّم .فلما بعث الله محمّدا صلّى الله   عليه وسلّم بالإسلام رسولا،دعا صديقه أبا بكر إلى الإسلام فصدّقه أبو بكر و آمن به ،فكان أول من أسلم من الرجال . كان أبو بكر يصدّق الرّسول في كلّ أمر، ولذلك سمّاه الرّسول "الصدّيق".

وكانت الدعوة إلى الإسلام في أول أمرها ،سرا. فكان أبو بكر الصديق يدعو الذين يثق بهم من أصحابه إلى الإسلام، فدخل على يده في الإسلام نفر كثيرون منهم عثمان ابن عفّان وعبد الرّحمان بن عوف وسعد بن أبي وقّاص.

لما توفي الرسول،سنة 11 للهجرة، انتخب المسلمون أبا بكر خليفة فحكم بالحقّ و العدل والحزم .

ووجّه أبو بكر الصدّيق الجيوش إلى سورية لإنقاذها من يد الروم الذين كانوا يحكمون أهلها العرب بالظلم .وكذلك وجه الجيوش إلى العراق لإنقاذ أهلها العرب من الفرس الذين كانوا كفّار يظلمون العرب.

و خاف أبو بكر أن يتفرّق الصحابة الذين يحفظون القرآن الكريم غيبا ،او أن يموتوا، فأم بأن يجمع القرآن كلّه في مصحف واحد (أي في كتاب مجلّد) .لذلك يجب أن نقول:نحن نقرأ القرآن في المصحف ، عندنا في البيت أربع نسخ من المصحف. إن ّالقرآن هو كلام الله ،وهو واحد. أمّا المصحف فهو الكتاب الذي ينسخ فيه القرآن أو يطبع. فالقرآن إذن واحد ولكن المصاحف كثيرة.

عمر بن الخطّاب

كان عمر بن الخطّاب بن نفيل من عظماء قريش و شجعانهم. وكان سفيرا بين القبائل يسعى في الصلح إذا وقع بين القبائل نزاع أو حرب، لأنّه كان وجيها في العرب مسموع الكلمة.

ولم يدخل عمر في الإسلام في أوّل الدعوة.فكان الرسول يقول:اللهم ،أعزّ الإسلام (اجعله عزيزا أي قويا بأحد العمرين ) .(يقصد عمر بن الخطّاب وعمرو بن هشّام). وبعد ست سنوات من بدء الدعوة دخل عمر في الإسلام ،وكان عمره يوم ذاك ستّا وعشرين سنة. ولمّا أسلم عمر كانت الدعوة لا تزال سرية ،وكلن المسلمون يعبدون الله ويقيمون صلاتهم في بيوتهم سرا ولا يجسرون على الصّلاة في الكعبة. فقال عمر الرسول :ألسنا على الحق؟ فقال له الرّسول :بلى، إننا على الحقّ. فقال عمر :هلمّو بنا ،إذن لنصلي في الكعبة .فخرج المسلمون في ذلك اليوم فأدّوا صلاتهم في الكعبة .ولمّا اعترضهم المشركون جادلهم عمر ثمّ نازعهم ثمّ قاتلهم وتغلّب عليهم .ومنذ ذلك اليوم أصبحت الدعوة الإسلامية علنية ، وأصبح المسلمون يؤدون الصلوات في الكعبة.

فسمّى الرّسول عمر في ذلك اليوم "الفاروق" (لأنّه فرق ،أي  فصل ،بين الحقّ والباطل ).

و لمّا توفي الرسول ،سنة11 للهجرة ،جمع عمر كلمة المسلين على أبي بكر و أخذ له البيعة . ثمّ لمّا توفي أبو بكر سنة 13 للهجرة أوصى لعمر بالخلافة .

وفي أيّام عمر اتّسعت الفتوحات الإسلامية في الشرق و الغرب ، ففتح العرب العراق  والشّام  وفارس ومصر :فتح العرب العراق  بقيادة المثنّى بن حارثة الشّيباني وسعد بن أبي وقّاص .

وفتحوا الشّام (سورية ) بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجرّاح ، و خالد بن الوليد ، و شرحبيل بن حسنة ، و عمروا بن العاص ، و يزيد بن سفيان . و فتحوا مصر بقيادة عمر بنم العاص .

ونظّم عمر البلاد الإسلامية ، فأوجد الدواوين – وهي سجلاّت تقيّد فيها أسماء الجنود و أسماء الموظّفين ، و أسماء الين يستحقّون  رواتب من بيت المال . وعمر هو الذي وضع التاريخ الهجري و أمر بان يؤرّخ الناس ابتداء من هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم من مكّة إلى المدينة ، عام 622 للميلاد .

و لمّا فتح المسلمون بلاد فارس ودخل الفرس كلّهم في الإسلام غضب جماعة من الفرس الذين كانوا يتولون الحكم ،حينما كانت بلاد فارس وثنية ، ودبّروا مؤامرة لقتل عمر بن الخطّاب . وفي صباح 26 ذي الحجّة سنة 23 للهجرة (3تشرين الثّاني 644 للميلاد ) تخفّى رجل فارسي  اسمه أبو لؤلؤة لعمر بن الخطّاب وطعنه بالخنجر ، فكان ذلك سبب موته .

عثمان بن عفّان

عثمان بن عفان قرشي ، من بني أمية. و هو من الذين أسلموا على يد أبي بكر و يلقب عثمان بذي النورين لأنه تزوج بنتين من بنات الرسول: تزوج رقية،و لما توفيت رقية تزوج أختها كلثوم. و كان عثمان غنيا كريما يبذل ماله في سبيل الإسلام و المسلمين. لما عزم الروم على غزو بلاد العرب جمع الرسول جيشا كبيرا لصدهم، فتبرّع عثمان لهذا الجيش بعشرة آلاف دينار و ثلاثمائة جمل و خمسين فرسا و حدثت مجاعة في خلافة أبي بكر. واتفق أن رجعت قافلة لعثمان من ألف جمل تحمل الحبوب و التمر و سائر المواد الغذائية، فتبرع عثمان بها كلّها للمسلمين. 

وتولى عثمان الخلافة بعد عمر بن الخطاب،و آستمرّت خلافته اثنتي عشرة سنة. و في أثناء خلافته بني المسلمون أسطولا فتحوا به جزيرة قبرس ثمّ دمّروا الأسطول الرومي في معركة الصّواري  أو ذات السواري ، على مقربة من الاسكندريّة .  و سمّيت هذه المعركة بهذا الاسم لكثرة السفن التي اشتركت فيها وكثرة سواريها .

وأعاد عثمان جمع القرآن الكريم ، وأمر بأن ينسخ منه أبعة مصاحف (أو أربعة نسخ ) أرسلت إلى أربعة بلدان ليجري نسخ المصاحف منها خوفا من أن يقع في القرآن الكريم خطأ إذا ظلّ المسلمون مدّة طويلة جدّا يكتبون المصاحف من ذاكرتهم .

واضطربت الأحوال في أيّام عثمان لأنّ بني أمّية ، أقارب عثمان ، ملأوا مناصب الدّولة ، فاستغلّ رجل يهودي هذا الاضطراب وجعل يدعو إلى الثورة . فهاجت العامّة و جاءت وفود كثيرة من بعض الأقطار وحاصروا عثمان  في بيته . ومع أنّ كبار الصحابة أمثال علي بن أبي طالب و طلحة بن عبيد اللّه و الزبير بن العوّام دافعوا عنه ، فإنّ جموع العامّة لم ترتدع . ثمّ إنّ العامّة تسوّروا الجدار على عثمان وقتلوه سنة 30 للهجرة .

علي بن أبي طالب

علي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه من بني هاشم ، وهو ابن عمّ الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم ونشأ  محبّا له ، كما كان الرّسول  يحبّه كثيرا ويعتمد عليه . وعلي من المسلمين الأوّلين ، دخل في الإسلام وعمره عشر سنين.

و تزوّج علي فاطمة بنت محمّد فولدت له الحسن و الحسين . وليس للرسول نسل إلاّ من فاطمة . و لم يعش علي مع فاطمة سوى عشر سنين ، فقد تزوّجها وعمرها ثماني عشر سنة ، ثمّ  توفيت وعمرها ثمان وعشرون سنة ، بعد وفاة أبيها محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم   بستّة أشهر .

 وكان علي فتى العرب عقلا وعلما وشجاعة . وكان خطيبا فصيحا  و كريما سخيا . وكان حليما محبّا للعدل و الحقّ يكره الظلم والظالمين ، قليل الحبّ للدّنيا وما فيها .

ولما قتل عثمان أجمع المسلمون على مبايعة علي بن أبي طالب بالخلافة . ولكن ّ الاضطراب كان قد زاد ، وخصوصا بعد أن طمع معاوية بن أبي سفيان ،والي الشّام ، بالخلاقة  وأخذ ينازع عليا عليها . ونقل عليّ العاصمة من المدينة في الحجاز إلى الكوفة في العراق ليكون أقرب إلى حدود الشّام  وأكثر استعدادا لردّ هجمات معاوية . ونشبت الفتنة بين معاوية وعلي ثمّ انتهت بمعركة صفّين التي قتل فيها عدد كبير من المسلمين .

ولمّا طال القتال بين معاوية وعلي خرج جماعة من جيش علي وتركوا القتال فسمّوا من أجل ذلك ، الخوارج" . ثمّ إنّ هؤلاء الخوارج اعتقدوا أنّ سبب الفتنة ثلاثة نفر : علي ومعاوية وعمر بن العاص ، فعزموا على قتلهم جميعا . ولكنّ معاوية وعمر بن العاص نجوا ، وتمكّن عبد الرحمان بن ملجم من قتل عليّ كرّم اللّه وجهه ، في 17 رمضان سنة 40 للهجرة.

 

عن سلسلة المكتبة الإسلامية للأطفال

 من إنجاز : أماني صكوحي 6 أ 2006-2007

                                        رجــوع                                      الصفحة الرئيسية

إيدونات - شبكتي - المكتبة الإفتراضية - فضاء المكون - المدرسة الإفتراضية - فضاء المربي - حول الموقع