حياة الرّسول صلى الله عليه و سلّم

محمد رسول الله نسبه وولادته

واجب عليك، يا بني، أن تعرف من هو محمد، الرسول الذي بعثه الله إليك و إلى الناس أجمعين، معلما و مهذبا و هاديا إلى الصراط المستقيم

إنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب .

أمه آمنة ابنة وهب بن عبد مناف.

وأصله من قريش، أكبر وأشرف قبائل العرب. مات أبوه عبد الله شابا في سن الثانية و العشرين،فولد محمد يتيم الأب في الثاني عشر من ربيع الأول، من عام الفيل الموافق لسنة 571 بعد ميلاد المسيح عيسى بن مريم، الرسول السابق له.

تربيته و كفالته

تولى كفالة محمد جده عبد المطلب، وكان أكبر أشراف قريش و أسيادهم، ينصر المظلوم و يقهر الظالم و يكرم الضيف، صادق القول حافظ العهد. وكان يشتغل بالتجارة ويعيش من كد يمينه.

فرح عبد المطلب بالوليد الجديد، ورأى فيه خلفا لابنه المفقود في سن الشباب. فاعتنى به كثيرا و اختار له مرضعة اشتهرت بالأخلاق الكريمة و السيرة المستقيمة، صحيحة الجسم طيبة القلب: هي حليمة السعدية.

حملته حليمة إلى البادية و اعتنت بتربيته فأعطاها الله من الرزق الشيء الكثير، و من يوم دخل الرضيع المبارك بيتها لم تعرف فقرا و لا مرضا. و لما أصبح محمد قادرا على التنقل و المشي صار يرافق أبناءها و يلعب معهم و هم يرعون أغنامهم حتى إذا قارب السادسة من عمره أرجعته إلى حليمة المتشوقة إليه.

فآقتبلته آمنة بكل فرح، و أدخل على بيتها الأنس و السرور بعد الوحشة والكآبة.

موت أمه وجده

بلغ محمد من العمر ست سنين فاشتاق لزيارة قبر والده و ديار أخواله من بني النجار

بالمدينة المنورة، فاستجابت أمه لطلبه. وفي أثناء عودتها من مكة فاجأها الموت فأصبح محمد الصغير يتيما حقا...

يتيما حرم حنان الأم و الأب. فأخذه جده عبد المطلب إلى بيته يرعاه و يعطف عليه ولا يكاد يفارقه حتى تعلق به محمد تعلقا شديدا. و حل في نفسه محل الأم و الأب.

لكن ذلك لم يطل، وشاء ربك أن يموت عبد المطلب، الجد البار فيفقد محمد كل حنان وكل محبة. فلا أب ولا أم و لاجد.

من لك يا محمد"ومن يرعاك و يحميك و يرحمك؟

إنه الله"الله الذي وجدك يتيما فآوى. و وجدك ضالا فهدى، و وجدك عائلا فأغنى..الله الذي شرح لك صدرك و وضع عنك وزرك وأنقض ظهرك و رفع لك ذكرك.

محمد الأمين

  انتقل محمد إلى بيت عمّه أبي طالب،والد خليفة رسول الله،الإمام عليّ الذي كان إذّاك صبيا. فواصل أبو طالب تربية محمد و أخذ يدربه على التجارة و السفر و قطع الصحاري بين مكة و الشام ليعوده على النشاط و اكتساب الرزق.

تعلم محمد التجارة، و أصبح قادرا على مباشرتها وحده، و اشتهر بين التجار بالثقة و الأمانة و الخبرة و المقدرة و حسن التصرف،حتى لفت نظر سيدة من سيدات قريش، هي خديجة ابنة خويلد، فشاركته في تجارتها ولم يخب ظنها حيث ربحت على يده ما لم تكن تحلم به من المال.أعجبت خديجة بأخلاق محمد الشاب، وقد بلغ الخمسة و العشرين من عمره، وبالسمعة التي كان يتمتع بها بين قبائل العرب فاختارته لها زوجا.ولما عرف به محمد، الشاب الجميل الشريف،من حفظ العهد و البر بالوعد و الصدق في القول و الإخلاص في العمل أصبح كبيرا في قومه، عظيما مهذبا،يقدره الجميع و يحبه القريب و البعيد. يأتمنونه على أسرارهم و يستودعونه أموالهم ويلقبونه(بالأمين).

 محمد الحكم

كان عمر محمد خمسة و ثلاثين سنة عندما أرادت قريش إعادة بناء الكعبة، وقد اشترك في هذا العمل نواب عن جميع القبائل حتى لا يكون لإحداها فضل على الأخرى.و كان من أحجار الكعبة حجر أسود يعظمونه و نعظمه نحن المسلمين،فلما أعد مكان البناء اختلفت القبائل و اختصمت على من يتشرف بوضعه في مكانه، فكانت كل قبيلة تسعى لأن يكون وحدا منها. وبينما هم في أخذ ورد أقبل محمد ":الأمين" فكان قدومه مزيلا للخلاف باعثا على التوفيق. لم يكادوا يرونه حتى قالوا"

جاء الأمين، فإليه نحكم"وحكموه في خلافهم فقدم لهم حلا أرضاهم وعملوا به.

كيف أرضى محمد هاته القبائل الثائرة المستعدة للقتال؟

لقد و ضع الحجر الأسود في ثوب وطلب من كل قبيلة نائبا يمسك بطرف الثوب و يشترك الجميع في رفعه حتى إذا بلغ مستوى المكان الذي أعد للحجر الأسود، عندها يأخذه محمد بيده الكريمة ويضعه فيه. وبذلك قضى محمد على الخلاف، وأطفأ جمرة الحرب و سوّى بين الجميع في الشرف.

محمد رسول الله

كانت قريش تعبد الأصنام وتسجد لها، وتأتي الفواحش والمنكر. وكان محمد يتأذى من سيرة قومه ويكفر بالأصنام فلم يعبدها قط.وقد اختار غارا بجبل النور، قرب مكة، كان يلتجئ إليه حتى لا يرى الأصنام و عابديها، باحثا عن شيء مجهول يحرك نفسه و قلبه، معتقدا أن هناك إلاها واحدا خلق هذا العالم، و أن تلك الأصنام التي يصنعونها بأيديهم ثم يعبدونها ليست لها أدنى قيمة . وبينما هو في الغار، وقد بلغ الأربعين سنة، نزل عليه سيدنا جبرائيل، أحد الملائكة المقربين، مرسلا من عند الله بالقرآن الكريم، و مبشرا محمدا بالرسالة التي كلفه الله بها. أنزل الله القرآن على محمد ليعلمه للناس و يدعوهم لإتباع ما أمر به و الكف عما نهى عنه. دعا القرآن إلى توحيد الله و عبادته و قول الحق و المساواة و العدل بين الناس و احترام متاع الغير و العطف على الفقراء و إعانة المحتاجين و المظلومين و حفظ العهد و البر بالوعد و الوالدين. و نهى عن قتل النفس و الكبرياء و الاعتداء على الغير و الشتم و الفتن و الكذب و شهادة الزور.بدأ رسول الله، صلى الله عليه و سلم، في بث تعاليم القرآن و تعليمها للناس، فلقي مقاومة شديدة من قريش قابلها بالشجاعة و الصبر،حتى أخذ العرب يدخلون الإسلام، متحملين إذاية الكفار و عدوانهم، حتى أصبحوا أربعين مسلما فخاف عليهم رسول الله من نقمة قريش، وأذن لهم بالهجرة إلى الحبشة. و لم يكادوا يحلون بها حتى ا ستقبلهم ملكها و حماهم و أخذ الإسلام ينتشر بين مكة والمدينة والحبشة. فجمع رسول الله أصحابه وأمرهم بالتجمع  بالمدينة بعد أن أصبح جانبهم معززا بإسلام سيدنا عمر و أبي بكر و علي و عثمان وخالد بن الوليد و عمر و بن عاص.

الهجرة

هاجر أصحاب رسول الله إلى المدينة، و نشروا تعاليم الإسلام فدخل الناس في دين الله أفواجا وتعزز الإسلام و قوي.

وفي العالم الثالث عشر بعد نزول جبرائيل بالرسالة لمحمد هاجر رسول الله مع صاحبه أبي بكر الصديق إلى المدينة حيث تنتظره قيادة المسلمين هناك، و حيث يستعدون لليوم الفاصل:يوم فتح مكة و تطهيرها من الأصنام، و القضاء على ما كان يعيش فيه العرب من الأوهام و الخرافات، و آعتبر يوم هجرته بداية للتاريخ الإسلامي.

و في السنة الثامنة من الهجرة دخل جيش المسلمين في 10000 مقاتل إلى مكة، و قضى على الأصنام فحطمها، و لم يبق فيها مكان لعبادة غير الله.و أمر رسول الله بلال الحبشي بالآذان فوق الكعبة، و أقيمت الصلاة،و صلّى المسلمون صلاة الحمد على النصر.و بعد عامين انتقل رسول الله إلى جوار ربه و عمره 63 سنة،بعد أن أصبح الإسلام قويا ينتشر بسرعة البرق في كل مكان.

محمد الحليم

لما دخل المسلمون مكة و فتحوها ارتعد الظالمون من قريش، أولئك الذين ضايقوا رسول الله،صلّى الله عليه و سلم، و آذوا المسلمين حتى أخرجوهم مهاجرين إلى الحبشة ثم إلى المدينة خوفا من شرهم. و ظنوا أنهم هالكون، و أن محمدا رسول الله،صلّى الله عليه و سلم، سيأذن بقتلهم و تعذيبهم. و بينما كان صلّى الله عليه و سلم جالسا مع أصحابه بالكعبة إذ دخل عليهم رؤوس قريش من المشتركين يتطلعون إلى ما سيفعل بهم محمد، و فيم كان يسعى إلى قتله،و من عذب أصحابه،فوجه لهم محمد صلّى الله عليه و سلم هذا السؤال

" ترى ما أنا فاعل بكم يا رجال قريشِ؟"

فأجابوا:"خيرا يا محمد،أخ كريم وابن أخ كريم".

فرد عليهم :"اذهبوا فأنتم الطلقاء".

كم كانت فرحتهم بهذا الحكم ! وكم كانت دهشة الصحابة منه ! و لكن محمدا، صلّى الله عليه وسلم، تعمد ذلك ليعلم المسلمين(الحلم)، والحلم هو العفو عن المذنب المغلوب. فالإسلام حثنا على الحلم ، و بفضل حلم رسول الله أسلم الكثير من القبائل لما رأوا أن الإسلام هو دين الرحمة، لا حقد فيه ولا ضغينة، لا يسفك دما و لا يقتل نفسا إلا بقدر الحاجة للدفاع عن نفسه.

وقد قال صلّى الله عليه و سلم:"من يغفر، يغفر الله له و من يعف يعف الله عنه ومن يكظم الغيظ يأجره الله. أشدكم من ملك نفسه عند الغضب و أحلمكم من عفا عند المقدرة".

محمد الرؤوف

كان رسول الله صلّى الله عليه و سلم: رؤوفا بالأطفال، يحبهم و يتواضع لهم. وقد كان يحث المسلمين على الرأفة بأبنائهم و إكرامهم و التواضع لهم، حيث قال:"من كان له صبيٌ فليتصابب له"، و إذا جاء يوم العيد لم يترك رسول الله، صلّى الله عليه و سلم، أحدا من أهله إلاّ أخرجه.

و كثيرا ما أوصى بتربية الأطفال خيرا و أبدى بهم عناية خاصة، فقد روي عنه، صلوات الله عليه، أنه قال:" أكرموا أولادكم،و أحسنوا آدابهم،فإن أولادكم هدية الله إليكم". كما روي عنه، صلّى الله عليه و سلم أنه كان يقف تواضعا للحسن و الحسين ابني فاطمة الزهراء و علي بن أبي طالب، و هما يلعبان فيرفعهما إلى صدره و يعانقهما و يقبلهما.  و كانت أمامه ابنة ابنته زينب تتعلق به و هو يصلي فيرفعها إذا قام و يضعها إذا سجد، و يمانع في انتزاعها عنه. هذه سيرة محمد صلى الله عليه و سلم نحو الأطفال، فلا شك أنها تجعلكم تحبونه و تعظمونه، أنتم الأطفال، لأنه أوصى بكم خيرا و أعطى لذلك خير الأمثال.

محمد و رأفته بالحيوان

كان جد رسول الله، صلّى الله عليه وسلم،عبد المطلب حبيب الحيوان،فقد روي أنه كان يطعم الوحوش في الجبال و الكواسر من الطيور،وقد كانت تأنس به و تأمنه. أما محمد فقد كان الحيوان يكلمه و يشتكي إليه فينصفه و يرد عنه الظلم. و قد روي أنه كان جالسا فدخل قط إلى كمه و نام هناك و لم يغادر رسول الله مجلسه حتى أفاق القط من نومه و خرج حتى لا يزعجه. و كثيرا ما شرب القط من إناء شربه فلم يطرده و لم يمنعه، و كان يوصي بالحيوان خيرا فيقول:" في كبد كل رطبة أجر". وقد أخبر صلّى الله عليه و سلم بدخول امرأة النار من أجل قطة حبستها حتى ماتت ليعلم المسلمون أن للحيوان عليهم حقا فلا يعذبونه ولا يتعبونه و يحملونه فوق طاقته، و لا يستخدمونه ثم يتركونه دون ماء و لا طعام.

محمد و النظافة

كان رسول الله، صلّى الله عليه و سلم يقول:" إن الله نظيف و يحب النظافة"و كان يأمر أصحابه بنظافة الجسم و الثياب و المسكن، و يقول:"أحسنوا لباسكم و أصلحوا رحالكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، طهروا هذه الأجساد طهركم الله". إن اتخذت شعرا فأكرمه، إن الله يبغض الوسخ الشعت". "لكل شيء طريق، و طريق الجنة النظافة"." النظافة من الإيمان ".هذا ما أمرنا به رسول الله صلّى الله عليه وسلم. و ما علمنا إلاّ خيرا، فالإسلام هو دين النظافة، ومن غير نظيف لا نعتبره مسلما كاملا، و لا يشرّف المسلمين. و النظافة تبعد المرض و تأتي بالصحة فنكون أقوياء أمام العدو. وقال صلّى الله عليه و سلّم:" المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف". فلنكن دوما نظيفين أصحاء أقوياء. كما أوصانا بذلك محمد صلّى الله عليه و سلم.

محمد و قول الحق   

كثيرا ما كان رسول الله، صلّى الله عليه و سلّم، ينهى أصحابه عن الكذب و يوصيهم بقول الحق و لو كان مرّا. و قد روي عنه صلّى الله عليه و سلّم أنه قال:"كَبُرَتْ خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق و أنت له به كاذب". فعليك، يا بني، بقول الحق، و الابتعاد عن الكذب و لو كانت في قولك الحق مضرّة لك. فإنّ الله مطّلع على نفسك، و عالم بما فيها، فإن كذبت

و نطقت بما يخالف الحقيقة أغضبت ربّك و خالفت ما أوصانا به سيدنا محمد صلّى الله عليه و سلّم. إنه هدانا إلى ما فيه الخير و حذرنا ممّا فيه الشرّ، فلا يجوز لنا بعد ذلك أن نخالفه. فالمسلم لا يكذب، و أنت مسلم فلا تكذب و لا تقل إلا حقا.

عن سلسلة المكتبة الإسلامية للأطفال

من إنجاز أماني جمازي 6أ 2006-2007

رجوع                                الصفحة الرئيسية

إيدونات - شبكتي - المكتبة الإفتراضية - فضاء المكون - المدرسة الإفتراضية - فضاء المربي - حول الموقع